اللحظات الصادمة
في تاريخ الامم لحظات صادمة لكنها تصنع الفارق على مستقبلها…منذ والصدمات تتوالى على الامة لكنها لا تحدث فارقا في الوعي يذكر.
وانا لا اتحدث بشكل طوباوي عن الامة كوحدة حيث الواقع هو وجود وحدات متباينه ومتصارعه ومتنافرة ولكن عن الوحدات المفتتة خاصة ذات الوزن النسبي والتي يمكنها لو توفرت الارادة والاخلاص التحرك لخلق حقائق جديدة…
لكن المذهل هو انه على امتداد الوطن العربي تحديدا لم تحدث تلك الاستفاقات بالشكل المطلوب في الغالب لا على مستوى النخب ولا الجماعات ولا الاحزاب ناهيك عن المستوى الرسمي…
لا زلنا نرسل النداءات للجامعة العربية او المؤتمر الاسلامي او حتى الامة في المطلق مطالبين بالوحدة والعمل الفاعل ومتناسين ان العمل لانشاء ثقافة الوحدة ومؤسساتها واحترام الاتفاقيات هو عمل شاق يبدأ من معالجة معوقات الوعي…
فالوعي بالواقع المتعلق بالذات وبالواقع المحلي والاقليمي والدولي كقدرات وفرص ومن ثم بناء تلك القدرات وكسب الزمن لفعل ذلك…ليس جزء من المنظومة العقلية السائدة…
ومن الوهم تصور ان نخب المعارضة المعروفة تمتلك هذا الوعي فخطابها وممارساتها لا تعكس ذلك الوعي في الغالب الاعم..
فهي ذاتها تضيق بالرأي المخالف ولا يتسع افقها لوجود الاختلاف واخفاقها في تقدير موازين القوة حاضر في قراراتها…
الضفة وغزة هي محصلة رحلة طويلة من تفويت فرص الوعي الحقيقي وتفويت فرص مراجعة الذات ورؤية اوجه القصور في قراراتنا ..
فالايمان بالله وبقدرته ليست بديلا عن دراسة القصور ومعالجة جوهر المشكلة عندنا..
العالم ليس جمعية خيرية والسياسة الدولية لا تبنى على المثالية بل على المدرسة الواقعية وفي قلب الواقعية ميزان القوة الصلبة…
وميزان القوة الصلبة ليس معدات نشتريها او ابطال ندفع بهم للمعركة بصدورهم العارية بل هو عدد العلماء والباحثين والمبتكرين وحرية الفكر والنظر والاقتراح …فمخزون كل امة من هذا هو ما يحدد موقعها في خارطة العالم…
الخلاصة:
فلسطين وسوريا والعراق وليبيا والصومال واليمن وما حدث في قطر هو ملف واحد لا يحتاج الى مجرد الحماس والرفض ولكن يحتاج لسؤال مكوننا العقلي ومدى قدرتنا على الاعتراف بالواقع والعمل الهادئ الطويل للمستقبل بحيث نفك الاغلال بالتدريج كما سبقتنا امم الارض.



